فصل: فصل في صلاة الجنازة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: زبدة الأحكام في مذاهب الأئمة الأربعة الأعلام



.فصل في صلاة الجنازة

(136) اتفقوا على استحباب ذكر الموت، والوصية، وعلى أن غسل الميت من فروض الكفاية.
(137) واختلفوا على ما هو الأفضل؟:
فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: الأفضل أن يغسل مجردا مع ستر العورة.
وقال الشافعي: الأفضل أن يغسل في قميص.
(138) واتفقوا على وجوب تكفين الميت، وأنه يقدم على الدين، والوصية، والميراث.
(139) واختلفوا في قدره:
فقال أبو حنيفة: كفن السنة للرجل ثلاثة أثواب: إزار ولفافة وقميص. وكفن الكفاية ثوبان: إزار ولفافة.
وقال الشافعي ومالك وأحمد: كفن الرجل في ثلاثة أثواب لفائف.
(140) واختلفوا فيمن أحق الناس بالصلاة على الميت:
فقال أبو حنيفة: أحق الناس بالصلاة على الميت السلطان أو نائبه، ثم القاضي، ثم إمام الحي، ثم الولي. وهو قول الشافعي في القديم، ومالك وأحمد.
وقال الشافعي في الجديد: الولي أحق من السلطان.
(141) واختلفوا في الصلاة على الميت في المسجد:
فقال أبو حنيفة ومالك: يكره.
وقال الشافعي وأحمد: لا يكره.
(142) واختلفوا في الصلاة على الغائب:
فقال أبو حنيفة ومالك: لا تصح.
وقال الشافعي وأحمد: تصح.
(143) واختلفوا فيمن قتل من أهل البغي، وقطاع الطريق:
فقال أبو حنيفة: لا يغسلون، ولا يصلى عليهم.
وقال الشافعي ومالك وأحمد: يغسلون ويصلى عليهم.
(144) واتفقوا على أن التكبير على الميت أربع.
(145) واختلفوا فيما يقال فيها:
فقال أبو حنيفة ومالك: في التكبيرة الأولى حمد وثناء، وليس فيها قراءة الفاتحة إلا على سبيل الدعاء عند أبي حنيفة.
وقال الشافعي وأحمد: فيها قراءة الفاتحة.
(146) واتفقوا على أن في التكبيرة الثانية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الثالثة الدعاء للميت والمسلمين، وفي الرابعة السلام.
(147) واختلفوا في سنة القبر:
فقال أبو حنيفة وأحمد: التسنيم هو السنة.
وقال الشافعي: التسطيح هو السنة.
(148) واختلفوا في وصول ثواب القراءة للميت:
فقال أبو حنيفة وأحمد: يصل ثواب ذلك إليه، ويحصل له نفعه.
وقال الشافعي ومالك: ثواب ذلك لفاعله، دون الميت.
(149) واتفقوا على أن الاستغفار للميت يصل إليه ذلك، ويحمل له ثوابه، وكذا ثواب الصدقة والعتق والحج. والله الموفق للصواب.

.(3)كتاب الزكاة

(149) اتفقوا على أن الزكاة أحد أركان الإسلام، وفرض من فروضه.
قال الله تبارك وتعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة}، وقال عز وجل: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة}.
(150) واتفقوا على وجوب الزكاة في الإبل والبقر والغنم، بشرط أن تكون سائمة، وفي الذهب والفضة وعروض التجارة، بشرط كمال النصاب في كل واحد منها، وكمال الحول، وكون المالك حرا مسلما.
(151) واختلفوا في اشتراط البلوغ والعقل:
فقال أبو حنيفة: يشترط ذلك، ولا تجب الزكاة على مال الصبي والمجنون.
وقال الباقون: لا يشترط ذلك، والزكاة واجبة على مال الصبي والمجنون.

.فصل في زكاة الإبل

(152) اتفقوا على أن نصاب الإبل خمس وفيها شاة، وفي العشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياة، وفي العشرين أربع شياه إلى خمس وعشرين، فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض إلى خمس وثلاثين، فإذا بلغت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين، فإذا بلغت ستا وأربعين ففيها حقة إلى ستين، وفي إحدى وستين جذعة إلى خمس وسبعين، وفي ست وسبعين بنتا لبون إلى تسعين، وفي إحدى وتسعين حقتان إلى عشرين ومائة.
(153) واختلفوا في الزيادة كما عرف في موضعه.
(154) واتفقوا على أن البخت والعراب، والذكور والإناث في ذلك سواء. والله اعلم.

.فصل في زكاة البقر

(155) اتفقوا على أن نصاب البقر ثلاثون وفيها تبيع أو تبيعة، فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة.
(156) ثم اختلفوا:
فقال مالك والشافعي وأحمد: لا شيء فيها إلى تسع وخمسين، فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان إلى تسع وستين، وفي سبعين تبيع ومسنة، فإذا بلغت ثمانين ففيها مسنتان، وفي تسعين ثلاث أتبعة، وفي مئة تبيعان ومسنة، وعلى هذا يتغير الفرض في كل عشر من تبيع إلى مسنة.
وعن أبي حنيفة ثلاث روايات:
في رواية: يجب بحسابه يعني في جميع الواحدة الزائدة ربع ما يجب عنده، يعني: في الواحدة الزائدة ربع عشر مسنة.
وفي رواية: عفو إلى خمسين، ففيها مسنة وربع.
وفي رواية: عفو إلى ستين، ثم إلى ستين ففيها مسنتان كما تقدم.
(157) واتفقوا على أن البقر والجواميس والذكور والإناث في ذلك سواء.

.فصل في زكاة الغنم

(158) اتفقوا على أن نصاب الغنم أربعون وفيها شاة إلى مئة وعشرين، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياة إلى ثلاثمائة، فإذا بلغت أربعمائة ففيها أربع شياه، ثم في كل مئة شاة، والضأن والمعز سواء.

.فصل في زكاة الخيل

(159) اتفقوا على أن الخيل إذا كانت للتجارة ففي قيمتها الزكاة، وإن كانت للركوب فلا شيء فيها.
(160) واختلفوا في الخيل إذا لم تكن للتجارة، ولا للركوب:
فقال أبو حنيفة: إذا كانت سائمة ذكورا أو إناثا، فصاحبها بالخيار، إن شاء أعطى على كل فرس دينارا، وإن شاء أعطى عن كل مائتي درهم خمسة دراهم من حيث القيمة.
وفي الذكور والإناث الخلص روايتان. وقيل: لا وجوب في الذكران بانفرادها.
وقال الباقون: لا زكاة في الخيل بحال إذا لم تكن للتجارة.
(161) واتفقوا على أن لا زكاة في البغال والحمير إذا لم تكن للتجارة.

.فصل في زكاة الذهب والفضة

(162) اتفقوا على أن نصاب الذهب عشرون مثقالا، وفيها نصف مثقال، وفي أربعين مثقالا مثقال، وفي مائة مثقال مثقالا ونصف مثقال، وفي مائتين خمسة مثاقيل، وفي ألف مثقال خمس وعشرون مثقالا، وفي الزوائد على هذا الترتيب.
ونصاب الفضة مائتا درهم، وفيها خمسة دراهم، وفي ألف درهم خمسة وعشرين درهما، على هذا الحساب، وفي الزائد عليها.
(163) واختلفوا في زيادة النصاب في الذهب والفضة:
فقال أبو حنيفة: لا تجب فيما زاد على مائتي درهم حتى تبلغ أربعين درهما، ففيها درهم، ولا على الذهب حتى يبلغ أربعة دنانير، وفيها قيراطان.
وقال الباقون: تجب في الزيادة بالحساب، وإن قلَّت الزيادة.
(164) واختلفوا في زكاة الحلي المباح إذا كان مما يلبس أو يعار:
فقال أبو حنيفة: تجب الزكاة فيه.
وقال الشافعي في قول ؛ ومالك وأحمد: لا تجب فيه الزكاة.
(165) واتفقوا على انه تجب الزكاة في أواني الذهب والفضة، لأنه لا يجوز استعمالها.
(166) واختلفوا في ضم الذهب والفضة إذا لم يكن كل واحد منهما نصابا، وبالضم يبلغ نصابا:
فقال أبو حنيفة ومالك واحمد في رواية: يضم.
وقال الشافعي وأحمد في رواية أخرى: لا يضم.
(167) ثم اختلف من قال بالضم:
فقال أبو حنيفة وأحمد: يضم بالقيمة.
وقال مالك والشافعي: يضم بالأجزاء.
(168) واتفقوا على أنه يجوز لأرباب الأموال الباطنة إخراج زكاتها بنفسه إلى المستحقين، وله دفعها إلى الإمام ليفرقها إلى من يستحقها.
(169) واختلفوا في الأموال الظاهرة كالمواشي والزروع:
فقال أبو حنيفة: لا يجوز لأرباب الأموال إخراج زكاتها، بل حق الأخذ للإمام. وهو قول مالك والشافعي في الجديد.
وقال الشافعي في القديم وأحمد: يجوز له ذلك.
(170) واختلفوا هل تسقط الزكاة بالموت؟:
فقال أبو حنيفة: تسقط ولا يجوز إخراجها إلا بالوصية، وتعتبر من الثلث.
وقال الشافعي وأحمد: لا تسقط الزكاة بالموت.
وقال مالك: إن فرط في إخراجها حتى مر عليها حول أو أحوال انتقلت إلى ذمته، وكان عاصيا لله تعالى بذلك، وكان ما تركه مال الوارث، وصارت الزكاة التي في ذمته دينا لقوم غير معينين، ولم تقض من مال الورثة. فإن أوصى بها كانت من الثلث، وقدمت على الوصايا كلها.
وإن لم يفرط فيها حتى مات أخرجت من رأس المال.
(171) واختلفوا فيما إذا استفاد مالا في أثناء الحول، هل يضمه إلى ما عنده أو يستأنف الحول للمستفاد؟:
فقال أبو حنيفة ومالك: يضمه إلى ماله إذا كان من جنسه، ويزكيه بحول أصله، إلا في أثمان الإبل المزكاة فإنه يستأنف لها الحول.
وقال الشافعي وأحمد: يستأنف له الحول، ولا يضم إلا في الربح والنتاج.
(172) واختلفوا في الدين الذي عليه، هل يمنع وجوب الزكاة في مثله ؟:
فقال أبو حنيفة: إذا كان له مطالب من جهة العباد، يمنع وجوب الزكاة في مثله من الأموال الباطنة، فإن زاد مقداره عليها تعدى إلى الأموال الظاهرة، فيمنع في الأموال الظاهرة.
وقال مالك: لا يمنع في الأموال الظاهرة، ويمنع في الأموال الباطنة.
وعن الشافعي قولان في الجميع. أظهرهما: أنه لا يمنع.
وقال أحمد: الدين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة، رواية واحدة.
وعنه في الأموال الظاهرة روايتان.

.فصل في زكاة الزروع والثمار

(173) اختلفوا في اشتراط النصاب:
فقال أبو حنيفة: لا يعتبر فيه النصاب، بل يجب العشر في قليله وكثيره، في الباقي وغير الباقي، إلا الحطب والحشيش والقصب الفارسي، سواء سقي سيحا أو سقته السماء، حتى تجب الزكاة في الخضروات كلها.
وقال الباقون: يشترط فيه النصاب، وهو خمسة أوسق، والوسق: ستون صاعا، والصاع عندهم: خمسة أرطال وثلث.
(174) والجنس الذي يجب فيه العشر: هو الذي يدخر ويقتات به كالحنطة والشعير والأرز وغيره.
وقال أحمد: يجب العشر في كل ما يكال و يدخر من الزرع والثمار، حتى يجب العشر عنده في السمسم وبذر الكتان والكمون والكراويا والخردل واللوز والفستق.
وعند مالك والشافعي: لا يجب.
ولا تجب الزكاة في الخضروات عند الثلاثة، لأنها لا تدخر.
(175) واتفقوا على أن مقدار ما يجب: نصف العشر فيما يسقى بالنواضح والكلف.
(176) واختلفوا في الزيتون:
فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي في قوله القديم، وأحمد في رواية: فيه العشر.
وفي قول آخر للشافعي وهو الجديد، وفي رواية أخرى لأحمد: لا يجب عشر فيه.
(177) واختلفوا هل يجتمع العشر مع الخراج في ارض واحدة؟:
فقال أبو حنيفة: لا يجتمع، بل يجب العشر في الأرض العشرية، والخراج في الأرض الخراجية.
وقال الباقون: أرض الخراج فيها العشر والخراج.
(178) واختلفوا في العسل:
فقال أبو حنيفة: فيه العشر في الأرض العشرية دون الخراجية.
وقال أحمد: فيه العشر مطلقا بشرط النصاب، وهو عشرة أفراق كل فرق ستون رطلا.
وقال مالك والشافعي في قوله الجديد: لا يجب فيه شيء.

.فصل في زكاة المعدن والركاز

(179) اتفقوا على أنه لا يعتبر الحول في زكاة المعدن، إلا في أحد قولي الشافعي.
(180) واختلفوا في زكاة المعدن، تتعلق بأي شيء؟:
فقال أبو حنيفة: تتعلق بكل ما ينطبع.
وقال مالك والشافعي: لا تتعلق إلا بالذهب والفضة.
وقال أحمد: تتعلق بكل خارج من الأرض، بما ينطبع كالذهب والفضة والحديد، وبما لا ينطبع كالفيروزج والقار والمغرة والنورة.
(181) واختلفوا في نصاب المعدن، وقدر الواجب فيه:
فقال أبو حنيفة: لا يعتبر فيه النصاب، بل يجب في قليله وكثيره الخمس.
وقال مالك والشافعي وأحمد: يعتبر فيه النصاب.
لكن عند مالك فيه ربع العشر في رواية، وفي أخرى: إن أصابها مجتمعة بلا تعب ومعالجة، وجب فيها الخمس. وإن أصابها متفرقة بتعب ومؤنه، ففيها ربع العشر. وهو أحد قولي الشافعي، وفي قول: ربع العشر، وفي قول آخر: الخمس.
(182) واختلفوا في مصرفه:
فقال أبو حنيفة: مصرفه الفيء إن وجده في أرض الخراج والعشر، وإن وجده في داره فهو له، ولا شيء عليه، وإن وجده في صحراء دار الحرب فلا خمس فيه.
وقال الباقون: مصرفه مصرف الزكاة.
(183) واتفقوا على أن وجوب الزكاة في الركاز في جميع الأشياء، وهو دفين الجاهلية.
إلا الشافعي في أحد قوليه، فإنه قال: لا يجب الخمس إلا في الذهب والفضة خاصة، وهو مذهب مالك.
وقال أبو حنيفة: إن وجد في صحراء دار الحرب فلا خمس فيه، وهو لواجده.
(184) واتفقوا على أنه لا يعتبر فيه الحول.
(185) واختلفوا في مصرف الركاز:
فقال أبو حنيفة: مصرفه كمصرف المعدن.
وقال الشافعي: مصرفه كمصرف الزكاة.
وقال مالك: هو والجزية، وما أخذ من تجار أهل الذمة، وما صولح عليه من الكفار، ووظائف الأرضين، كل ذلك يصرفه الإمام في مصارفه على قدر ما يراه من المصلحة.
وعن أحمد روايتان: في رواية: يصرفه مصرف الفيء، وفي أخرى: مصرفه مصرف الزكاة.
(186) واختلفوا فيمن وجد في داره ركازا، وكان ملكها من غيره:
فقال أبو حنيفة: يخمسه، والباقي لصاحب الخطة، ولوارثه من بعده، فإن لم يعرف له وارث فلبيت المال.
واختلف أصحاب مالك: فمنهم من قال: لواجده بعد تخميسه.
ومنهم من قال: لصاحب الأرض الأول.
ومنهم من قال: ينظر في الأرض التي وجد فيها، فإن فتحت عنوة كانت للجيش الذي فتحها، وإن كانت فتحت صلحا فلمن صالح المسلمين.
وقال الشافعي: لواجده إذا ادعاه، وإن لم يدعه فهو لمالكه الأول الذي انتقلت الدار عنه إن ادعاه، وإن لم يدعه مدع فهو لقطة.
وعن أحمد روايتان: في رواية: هو له بعد تخميسه، وفي أخرى: كمذهب الشافعي.
(187) واتفقوا على أنه لا تجب الزكاة في كل ما يخرج من البحر من لؤلؤ ومرجان وزبرجد وعنبر ومسك وسمك وغيره، ولو بلغت قيمته نصابا إلا في إحدى الروايتين عن أحمد إذا بلغت قيمته نصابا ففيه الزكاة، ووافقه في ذلك أبو يوسف من أصحاب أبي حنيفة في اللؤلؤ وإن ثقب دفع الزكاة.

.فصل في مصارف الزكاة

(188) اتفقوا على دفع الزكاة إلى الأصناف المذكورة في القرآن، غير المؤلفة قلوبهم، وهم: الفقراء، والمساكين، والعاملين عليها، وفي الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل.
(189) واختلفوا في المؤلفة قلوبهم:
فقال أبو حنيفة وهو المشهور عن مالك، وفي رواية عن أحمد: إنهم لم يبق لهم سهم، لأن الله تبارك وتعالى أغنى عنهم وأعز الإسلام.
وفي رواية عن مالك: إن احتاج إليهم أهل بلد أو ثغر فالإمام يؤلفهم ويعطي لهم سهما. وهو رواية عن أحمد.
وقال الشافعي: هما ضربان: كفار ومسلمون، والكفار ضربان: ضرب يرجى خيره، وضرب يكفى شره، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم. وبعده على قولين:
أحدهما: أنهم يعطون، لكن من غير الزكاة، وهو سهم المصالح.
والثاني: لا يعطون من الزكاة ولا من غيرها.
والمسلمون على أربعة اضرب: قوم: مسلمون شرفاء، يعطون ليرغب نظراؤهم في الإسلام.
وقوم: نيتهم ضعيفة في الإسلام، يعطون لتقوى نيتهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم. وبعده على قولين:
أحدهما: يعطون من الزكاة.
والثاني: من خمس الخمس.
وقوم: مسلمون يليهم قوم من الكفار، فإن أعطوهم قاتلوهم.
وقوم: بينهم قوم من أهل الصدقات، للشافعي فيهم أربعة أقوال: يعطون من سهم المصالح، أو من سهم المؤلفة قلوبهم من الزكاة، أو من سهم الغزاة من الزكاة ، أو سهم الغزاة وسهم المؤلفة قلوبهم من هذه الأصناف ؟.
(190) واختلفوا في الاقتصار على صنف من هذه الأصناف:
فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: يجوز.
وقال الشافعي: لا يجوز، بل تجب القسمة على ثلاثة من كل صنف، إلا أن يعدم منهم أحد، فيوفى حظه على الباقين في قول. وفي قول آخر: ينتقل إلى ذلك الصنف من اقرب البلاد إليه.
(191) واختلفوا في الفقير والمسكين:
فقال أبو حنيفة ومالك: الفقير من له أدنى شيء، والمسكين من لا شيء له.
وقال الشافعي وأحمد، وهو رواية عن أبي حنيفة: الفقير من لا شيء له، والمسكين من له أدنى شيء.
(192) واختلفوا فيما يأخذه العامل، هل هو زكاة أو هو عن عمله؟:
فقال أبو حنيفة وأحمد: هو من عمله، وليس من الزكاة.
وقال الشافعي: هو من الزكاة.
وفائدة الخلاف: أن عند أحمد: يجوز أن يكون عامل الصدقة من ذوي القربى، أو يكون عبدا.
وقال الباقون: لا يجوز.
(193) واختلفوا في قوله تعالى: {وفي الرقاب}:
فقال أبو حنيفة والشافعي: يدفع إلى المكاتبين إعانة لهم في فك رقابهم.
وقال مالك: لا يدفع إلى المكاتبين، لأن الرقاب العبيد، فيشترى به العبيد ويعتقون.
وعن أحمد روايتان.
(194) واختلفوا في المراد بقوله تعالى: {وفي سبيل الله}:
فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: هو محمول على الغزاة دون الحجاج.
وعن أحمد روايتان: في رواية: وأنه الحج في سبيل الله أيضا، وفي رواية: كقول الجماعة.
(195) واختلفوا في الغزاة الذين أريدوا من قوله تعالى: {وفي سبيل الله}:
فقال أبو حنيفة: هم الفقراء منهم، والمنقطعون منهم، دون الأغنياء.
وقال الباقون: يأخذ الغني منهم كما يأخذ الفقير.
(196) واختلفوا في سهم الغارمين، وهو المدينون، هل يدفع إلى الأغنياء منهم؟:
فقال أبو حنيفة وأحمد: لا يدفع إليهم إلا مع الفقر.
وعن الشافعي اختلاف: وهو أن الغريم عنده على ضربين: ضرب غرم لإصلاح ذات البين، وهو على ضربين:
أحدهما: ضرب غرم في تحمل دية، فيعطى مع الفقر والغنى.
وضرب: غرم لقطع ثائرة، وتسكين فتنة، فيعطى مع الغنى، على ظاهر مذهبه.
وضرب: غرم في مصلحة نفسه في غير معصية، فهل يعطى مع الغنى؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يعطى، نص عليه في الأم.
والثاني: يعطى، ذكره في القديم.
(197) واختلفوا في صفة ابن السبيل:
فقال أبو حنيفة: هو المجتاز دون المنشئ
وقال الشافعي: هو المجتاز والمنشئ، والذي يريد السفر، يجوز له الأخذ.
وعن أحمد روايتان كالمذهبين.
(198) واختلفوا في نقل الزكاة من بلد إلى بلد:
فقال أبو حنيفة: يكره إلا أن ينقلها إلى قرابة له محتاجين، أو قوم هم أمس حاجة من أهل بلده.
وقال مالك: لا يجوز إلا أن يقع بأهل بلد حاجة، فينقلها الإمام إليهم على سبيل النظر والاجتهاد.
وقال الشافعي: يكره نقلها، وفي الإجزاء قولان.
وقال أحمد في المشهور عنه: لا يجوز نقلها إلى بلد آخر تقصر فيه الصلاة إلى قرابتهم أو غيرهم، مادام يجد في بلده من يجوز دفعها إليهم.
(199) واتفقوا على أنه لا يجوز دفع الزكاة إلى الغني.
واختلفوا في صفته:
فقال أبو حنيفة: هو الذي يملك نصابا لأي مال كان: إما مائتا درهم، أو خمس من الإبل السائمة، أو أربعين شاة.
وقال مالك: يجوز الدفع إلى من يملك أربعين درهما. وقال أصحابه: يجوز الدفع إلى من يملك خمسين درهما.
وقال الشافعي: الاعتبار بالكفاية، فيأخذ مع عدمها، وإن ملك خمسين درهما أو أكثر، وإن كانت له كفاية لا يجوز له الأخذ، ولو لم يكن يملك هذا المقدار.
واختلف عن أحمد: فروى أكثر أصحابه عنه: أنه متى ما ملك خمسين درهما أو قيمتها ذهبا، لم يجز له الأخذ من الصدقة، وإن لم يكفه.
وروي عنه: إن كانت له كفايته على الدوام بتجارة، أو صناعة، أو أجرة عقار وغيره، لا يحل له الأخذ من الصدقة. وإن ملك خمسين درهما أو قيمتها، وهي لا تقوم بكفايته جاز له.
(200) واختلفوا فيمن يقدر على الكسب لصحته، هل يجوز له الأخذ من الصدقة؟:
فقال أبو حنيفة ومالك: يجوز وإن كان قويا سويا مكتسبا أو غير مكتسب.
وقال الشافعي وأحمد: لا يجوز له ذلك.
(201) واتفقوا على أنه لا يجوز دفع الزكاة إلى الوالدين، أو المولودين، علوا أو سفلوا، إلا مالك فإنه قال في الجد والجدة فمن وراءهما: يجوز دفعها إليهم لسقوط نفقتهم.
(202) واختلفوا في جواز دفع الزكاة إلى من يرثه من أقاربه، كالأخ والعم وأولادهما:
فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: يجوز.
وعن أحمد روايتان: أظهرهما: لا يجوز. والأخرى كالجماعة.
(203) واختلفوا في جواز دفع الزوجة زكاتها إلى زوجها:
فقال أبو حنيفة: لا يجوز.
وقال مالك: إن كان يستعين بما أخذه منها على نفتها لا يجوز، وإن كان يصرفه لغير نفقتها لأولاد فقراء عنده من غيرها أو نحوها جاز.
وقال الشافعي: يجوز.
وعن أحمد روايتان كالمذهبين، أظهرهما: المنع.
(204) واتفقوا على أن الصدقة المفروضة لا تحل لبني هاشم، وهم خمس بطون: آل عباس، وآل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل الحارث بن عبد المطلب.
(205) واختلفوا في بني المطلب:
فقال أبو حنيفة: لا يحرم عليهم.
وقال مالك والشافعي: تحرم عليهم.
وعن أحمد روايتان، أظهرهما: أنها حرام عليهم.
(206) واختلفوا في جواز دفعها إلى موالي بني هاشم:
فقال أبو حنيفة وأحمد: لا تجوز.
ولأصحاب الشافعي وجهان.
والصحيح عند مالك: لا يجوز.
(207) واتفقوا على أنه لا يجوز للزوج أن يدفع زكاته إلى زوجته، ولا إلى مكاتبه، ولا إلى عبده.
(208) واختلفوا في جواز دفع الزكاة إلى عبد الغير:
فقال أبو حنيفة: إذا كان مالكه فقيرا جاز، وإن كان غنيا لا يجوز.
وقال مالك والشافعي وأحمد: لا يجوز مطلقا.
(209) واتفقوا على أنه لا يجوز إخراج زكاته إلى بناء مسجد، ولا تكفين ميت.
(210) واختلفوا في دفع القيمة في الزكاة:
فقال أبو حنيفة: يجوز.
وقال الشافعي: لا يجوز.